قابلت في الفترة الأخيرة ثلاث سيدات صغيرات جدا , ومطلقات , وللصدفة كل واحدة منهن لديها أبنة رضيعة
وبالحديث عن أسباب الطلاق تبين أن السبب يكاد يكون مشترك بين الثلاث نساء, وبالطبع ليس كل الطلاقات تحدث لنفس السبب , في الوقت الذي زادت فيه حالات الطلاق بصورة مرعبة في هذا الزمن , بل وإنتشرت في كل ربوع مصر , بل والوطن العربي .
وطبعا تتعدد الأسباب وتوجد أسباب يمكن التخلص منها أو حتي التأقلم معها ويوجد أسباب مستحيل التعايش معها , وعندها يفضل فعلا الإنفصال لان في الإستمرار خسائر أكبر للإنسان تعودعلي صحته وعلي حياته .
والذي إناقشه اليوم الزيجات التي تتم في بناية واحدة وحتي لو لكل اسرة سكن مستقل , أو منزل قريب من منزل أسرة الزوج , فغالبا يقوم الأب ببناء عقار يجمع به أبناءه جميعهم , وتلك خطوة جميلة جدا , وهدف نبيل يحافظ علي الترابط الأسري والود , ولكن أحيانا يساء إستخدام ذلك الجوار وذلك التقارب.
بالطبع عندما تتزوج الفتاة من زوج يجب أن تعامل أمه وكأنها أمها , ويجب أن تحسن معاملتها وتسأل عنها وتساعدها في شئون المنزل بحسب قدرتها , ويجب أن تشعر الأم أن بيت أبنها هو بيتها وأنه مرحب بها في كل وقت .
ولكن ما يحدث علي أرض الواقع كثيرا مختلف , وأن الأم التي سعدت جدا بزواج أبنها بجوارها تكون هي السبب في إفساد حياته دون أن تدري وغالبا تكون السبب في الطلاق .
فكونك أمه لا يحق لك أن تأخذي مفتاح شقته لتذهبي يوميا بعد خروج زوجته للعمل للتفتيش في غرفة نومها ومطبخها , والتعليق علي كل كبيرة وصغيرة لأبنك , بأنها تركت هذا غير مغسول , وأن المواعين تملأ االحوض , وأن الطعام الذي بالثلاجة لا يجوز أكله أكثر من مرة
يجب أن تعرف الأم أن تلك الفتاة حرة في بيتها وحرة في نظافة منزلها وماذا تطهو وماذا تلبس . تلك حريات شخصية حماها الدين لكل إنسان .
وأن دور أم الزوج يقتصر علي النصيحة إن طلبت منها , كما يحدث أيضا تتدخل الأم في عدد زيارات أهل زوجة أبنها لأبنتهم أو عدد ذهابها لمنزل والدها , أو تظل ترقب من يأتي ومن يخرج ولا تكتفي بذلك بل تقوم بتوصية الأبن بأن يفعل كذا وكذا . وتنسي أنها يوما كانت زوجة شابة , وكان لها خصوصية وكانت تتضايق ممن يقتحم تلك الخصوصية .
فكل تلك الأمور تتسبب في إفساد العلاقة بين الزوجين والتي غالبا تنتهي بالطلاق .فلماذا الإنسان يضايق الآخرين بما كان يتضايق منه هو ؟
وكذلك يجب علي زوجة الأبن عدم التدخل في علاقة زوجها بأهله , لا تطلب منه عدم مساعدة أخاه أوأخته سواء ماليا أو معنويا , ولا تتدخل فيما يفعلون ولا ماذا يشترون , ولا تمنع زوجها أوتفتعل المشاكل من أجل أنها لا تريد منه الذهاب إلي أهله .
الخلاصة بقليل من التفاهم وتقبل الأوضاع ووضع الشخص نفسه مكان الآخرين قبل أن يطلب أو أن يحكم علي موقف سيجعل الأمور تسير بصورة أفضل .
مع العلم أن كل ذلك غير مدبر له ولا مقصود , فأغلب الزيجات تمت برضاء كل الأطراف , وبسعادة كل طرف بالطرف الآخر , ولكن الواقع وعدم التمييز بين ما هو حق وما هو واجب وما هو إقحام في خصوصيات الآخرين هو الذي أفسد تلك الزيجات , وهو الذي هدم منازل وفرق أسر .
لذا العودة للشرع افضل , والشرع قال الجنة تحت أقدام الأمهات , ولكن مع الأخذ في الإعتبار أن الشرع حد حدودا يجب ألا نتجاوزها وهي حرية الآخرين وعدم إختراق خصوصياتهم , وعدم التدخل بين الزوج وزوجته , فتلك حياة جديدة أكيد ستكون مختلفة عن حياة الأهل .
وبشئ من التسامح وعدم التدقيق في كل تصرف وكل هفوة وكل لفتة ممكن أن يعيش الجميع في سلام ووئام . فحاولوا أن تجعلوا أبناءكم يسعدون , فعندما يسعدون سيكونون أكثرمنكم قربا , وأكثر إسعادا لكم .